وأخيرا يعود الجزائريون إلى “طبْعهم” للباسهم التقليدي بعد أن فشلوا في “التَّطبُّع” باللّباس المغربي
عبدالقادر كتــرة
الغراب الذي قلَّد مشية الحمامة : “يُذكر أنه كان هناك غراب شاهد حمامة تمشي فأعجبته مشيتها لما فيها من مَلَكية وخيلاء طبيعية. ففكر بنفسه وقارن بينه وبينها ووجدها تتميز عنه بالكثير فحاول أن يقلد مشيتها. تدرب وتدرب وحاول كثيراً أن يتقنها فلَم يستطع.
فشل فشلاً ذريعاً ثم أنه عندما يئس أراد العودة لمشيته القديمة فاكتشف أنه نَسِيها أيضاً، والآن ليس هو بالغراب ولا هو حمامة وفًقَد هُوِيته بالكامل.
المغزى من القصة: كُنْ كما أنت وحافظ على هويتك ولا تُقلِّد غيرك ولا تجبرهم على تقليدك كما لكل مِنّا مظهر مختلف فلكل منا تفكير وتصرفات وآراء مختلفة.
ولو قلّدك أحدهم فهذا يدُلُّ على تَميُّزك وشعور الشخص الذي قلَّدك بالنَّقص وأما لو أجبرت أحدهم على تقليدك فلا أعتقد أن لدي من الكلمات ما يكفي لوصف مثل هذه الشخصية!!
وتقول الأمثلة العامّية المغربية :”المَكْسي بَدْيالْ الناس عرْيان”، و”المُشْ يْولّي يْولّي لرْمادو” و”الطّبع يَغلب التَّطَبُّع” و”لْبَسْ اللي يْواتيكْ” و”فاقد الشيء لا يُعطيه”…
مناسبة هذه الحكاية البليغة والأمثال المغربية، عناد هؤلاء الجزائريين الفاقدين للتاريخ ومجهولي الهوية وعديمي التراث والتقاليد والعادات، الذين لا يًفوِّتون فرصة إلا وقاموا بالسطو على كلّ ما هو مغربي محاولين سرقته أو في أحسن الأحوال تقليده، من تاريخ وتراث وآثار ومُدُن وأسمائها وغناء وموسيقى ورقص وحفلات وأعراس وتبوريدة وطبخ ولباس واللائحة طويلة ضدا على التاريخ وذاكرته…، ويريدون أن يكونوا مغاربة بدون جنسية ولا تاريخه ولا حضارته، ويسرقون عاداتهم وينسبونها لهم ويسطون على الصور وحتى على تحقيقات مصورة أجنبية تُوثِّق لعالمية التراث المغربي بالصوت والصورة والأشخاص المغاربة أبطال الأفلام الوثائقية إلى درجة أن أصبح هؤلاء المغاربة يصرخون كلّما اكتشفوا أنهم خُلقوا مغاربة وناموا مغاربة ثمّ استفاقوا جزائريين، وينددون بسرقة هوياتهم…، وآخر خبر رفض اليونيسكو طلبا تقدمت به الجزائر لتسجيل صلصة لطباخ “شاف” مغربي بلجيكي اخترعها في مطعمه ببلجيكا وسبق أن سجلها وبهذا تكون الجزائر منحت أو شهادة سرقة وكذب عالمية…
وبعد أن عرض الجزائريون والجزائريات أنفسهم إلى السخرية العالمية في الملتقيات الدولية والإقليمية والقارية بلباس “القفطان المغربي” وادعائهم بنسبه إليهم، في الوقت الذي يشهد العالم بحضارة المغرب الموغلة في التاريخ ومغربية القفطان المغربي وأصله وفصله، مع الإشارة إلى أن نساء ونجوم وسياسيات وفنانات عالميات لَبِسْنَ وسِرْنَ به إلى الحفلات والأعراس واللقاءات والمنتديات مزهُوات ومُختالات ومتباهيات… ويتمّ تخصيص معارض عالمية عديدة للأزياء المغربية في أكبر وأشهر المدن العالمية تحت إشراف مصممات مغربيات عالميات، بعد كلّ هذا اقتنع الجزائريات بضرورة العودة إلى طبعهم ورمادهم ومشيتهم ولا داعي لتقليد ما ليس لهم، كما لا يفتخر المغاربة بتقليد الأزياء الجزائرية إذ يكفيهم فخرا أن لهم من التراث والعادات والتقاليد ما يُبْهر…
واضطر نجوم الجزائر من ممثلين وفنانين إلى حَمْل خلال المهرجان باللباس التقليدي الجزائري الذي أقيم سهرة الثلاثاء 10 ماي 2022، على غرار “الكراكو والشاوي والنايلي” والذي يعتبر من المقومات الثقافية، التي تبرز هوية الجزائري وتراثه غير الضارب في عمق الحضارة، دون التفكير في ارتداء القفطان لأنهن سيؤرِّخْن لمشاهد مضحكة موثقة بالصوت والصورة.
وهكذا أشارت وزيرة الثقافة في كلمتها بتنظيم مثل هذه الفعاليات خاصة ذات البعد الدولي التي تساهم في الترويج للموروث الثقافي والسياحي الجزائري، وتشجع على إعادة بعث روح جديدة للصناعة السينمائية في الجزائر، وهو ما يؤكد كذلك على تعزيز الدور الذي تلعبه السينما في بعث الحياة الثقافية من خلال مرافقة المبادرات الهادفة والبناءة التي من شأنها ترقية الإبداع والحوار، نظرا لما يحتله هذا الفن من أولوية ومكانة مرموقة لدى الشباب المبدع الحامل لمشعل الرقي والتقدم.
وفي نهاية كلمتها أعلنت وزيرة الثقافة والفنون الدكتورة صورية مولوجي عن “انطلاق دراسة الخبرة لإعادة تأهيل معلم ضريح “إيمدغاسن” التاريخي أواخر شهر ماي بالتعاون مع صندوق التراث العالمي وبالتنسيق مع سفارة الولايات المتحدة الأمريكية في الجزائر.”
كما تم الشروع رسميا في إجراءات رفع التجميد عن عملية صيانة وإعادة تأهيل وتجهيز المسرح الجهوي لولاية باتنة،. وهذا بعدما تم الحصول على الموافقة المبدئية من المصالح المختصة في هذا الشأن.
وعرف نهاية حفل الافتتاح الرسمي للمهرجان تكريم وزيرة الثقافة نظير الدعم الذي قدمته لإنجاح هذا الحدث العالمي. الذي سيتواصل إلى غاية 14 ماي الجاري وسيعرف مشاركة 29 فيلما روائيا قصيرا من 24 بلدا، كما كان من المفروض أن تحضره فعالياته العديد من الممثلين والمخرجين من الجزائر وخارجها، مع تنظيم أربع ورشات سينمائية لفائدة الشباب والطلبة والمهتمين بالعمل السينمائي، من تقديم مخرجين وممثلين من الجزائر وتونس تتعلق بالإخراج والتمثيل وسينما التحريك وكذا الصورة.
كما كام من المقرر أن يعرف تنظيم جولات سياحية لبعض المناطق الأثرية والسياحية بولاية باتنة بهدف التعريف بها، على غرار المدينة الأثرية “تيمقاد” وشرفات “الغوفي”، بالإضافة إلى الضريح النوميدي “إيمدغاسن” الذي يحمل المهرجان اسمه.
وأشرفت وزيرة الثقافة والفنون صورية مولوجي، على الافتتاح الرسمي لفعاليات الدورة الثانية لمهرجان “إيمدغاسن” السينمائي الدولي. بالمسرح الجهوي لباتنة، والذي حضره كل من مستشار رئيس الجمهورية المكلف بالثقافة والسمعي البصري، والي ولاية باتنة، أعضاء البرلمان بغرفتيه، رئيس المجلس الشعبي الولائي، رئيس المجلس الشعبي البلدي لبلدية باتنة، محافظ المهرجان، وكذا ثلة من الفنانين، محبي الفن السابع والأسرة الإعلامية من داخل وخارج الوطن.