على هامش الوقفة الاحتجاجية للمتقاعدين!
اسماعيل الحلوتي
كما سبق الإعلان عنه من قبل، وبتزامن مع اليوم العالمي للمسنين الذي اختارت الأمم المتحدة تخليده هذه السنة تحت شعار “الحفاظ على الكرامة مع التقدم في السن، أهمية تعزيز أنظمة الرعاية والدعم للمسنين حول العالم” حج مئات المتقاعدين من مختلف جهات المملكة إلى العاصمة الرباط، للانخراط في الوقفة التي دعت إليها “الشبكة المغربية لهيئات المتقاعدين” جميع المتقاعدين بمختلف القطاعات المهنية وتنظيماتهم ومعهم عموم المزاولين للحضور صباح يوم الثلاثاء فاتح أكتوبر 2024 أمام مقر البرلمان، احتجاجا على ما تتعرض له هذه الفئة الاجتماعية من إقصاء وتهميش، وما تعيشه من أوضاع صعبة وتدني الخدمات الاجتماعية، في ظل تعنت الحكومات المتعاقبة وتنكرها لما أسداه المتقاعدون من جليل الخدمات وقدموه من تضحيات جسام في سبيل الوطن.
حيث ارتأت الشبكة المغربية لهيئات المتقاعدين التي تضم 12 جمعية للمتقاعدين، باعتبارها إطارا تنسيقيا وطنيا لتوحيد العمل والفعل الاحتجاجيين بما يسمح بانتزاع الحقوق المشتركة العادلة والمشروعة، تعزيز الكرامة والعدالة الاجتماعية ورفع الإقصاء والتهميش عن المتقاعدين وذوي حقوقهم، أن تدعو جميع تنظيمات المتقاعدين الديمقراطية والقوى الحية في البلاد وخاصة المتقاعدين والمزاولين من المقبلين على التقاعد إلى الاحتجاج على ما آلت إليه الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية من تدهور رهيب، وما تتعرض له القدرة الشرائية في السنوات الأخيرة من هجوم عنيف، سعيا منها إلى ضرورة الحفاظ على الكرامة وتحقيق العدالة الاجتماعية والزيادة في المعاشات بما يتلاءم وغلاء الأسعار، وحذف كل أنواع الاقتطاعات الضريبية عن المعاشات وتلبية جميع المطالب العامة والمشتركة للمتقاعدين وذوي حقوقهم…
وهي الوقفة الاحتجاجية التي أملتها الظروف المزرية التي يمر بها المتقاعدون، للمطالبة بضمان حقوقهم الأساسية. مما جعلها تلقى نجاحا كبيرا، ولاسيما بعد أن انضمت إليها عدة جمعيات ومنظمات إما بالحضور الفعلي أو المشاركة الرمزية عبر إصدار بلاغات، قصد مساندة المتقاعدين في احتجاجاتهم الرامية إلى تحقيق عديد المطالب وفي مقدمتها التقاعد المأمون، ومكافحة كل مظاهر الفقر في أوساط هذه الشريحة الواسعة من المجتمع وحقوق ذويهم، من خلال مراجعة السياسات المتعلقة أساسا بالتقاعد، تمثيل مناسب في المجالي الإدارية لصناديق التقاعد وخلال الحوارات الاجتماعية، الزيادة في المعاشات مع الربط بين الحد الأدنى للمعاش والحد الأدنى للأجور حتى يحظى المتقاعد بمستوى من العيش الكريم الذي من شأنه الارتقاء به إلى مستوى ما قدمه من تضحيات ونكران الذات طوال حياته المهنية.
فالمتقاعدون الذين هبوا عن بكرة أبيهم صباح يوم فاتح أكتوبر 2024 في الساعة الحدية عشرة صباحا لم يتوقفوا قط عن التنديد بتنكر المسؤولين لخدماتهم وإدارة ظهورهم لهم في آخر مراحل حياتهم، إضافة إلى تخلي الدولة عن تحملاتها الاجتماعية بتصفية صندوق المقاصة، ورفع الدعم عن المواد الغذائية الأساسية وتسليع الخدمات العمومية، ناهيكم عن الاعتداء الممنهج والمستمر على المكتسبات والحقوق الاجتماعية والمهنية والمادية، عبر تنزيل مشاريع قوانين للمالية، وتشريعات نكوصية تعمق جراح المتقاعدين، وتكرس سياسية الإقصاء والتهميش، رافضين ما يطال معاشاتهم من ظلم ضريبي، محملين كامل المسؤولية للحكومات المتوالية فيما صارت عليه الخدمات الاجتماعية من ترد رهيب، ضدا عن كل ما تنص عليه المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، وخاصة المادة 25 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، التي تشدد على حق المتقاعدين وأصحاب المعاشات من الزيادة في المعاشات، بما يتلاءم وضمان الحياة الكريمة والعدالة الاجتماعية ورفع كل أشكال التهميش والإقصاء.
إننا إذ نبارك لتنظيمات المتقاعدين وذوي المعاشات هذه الخطوة الإيجابية، المتمثلة في تشكيل إطار تنسيقي وطني تحت اسم “الشبكة المغربية لهيآت المتقاعدين” من أجل رص الصفوف وتوحيد الفعل الاحتجاجي، ندعو عموم المتقاعدات والمتقاعدين إلى مزيد من التعبئة في اتجاه لفت انتباه الحكومة إلى ضرورة الاهتمام بأوضاعهم المتردية والدفاع عن مطالبهم وحقوقهم المشروعة، وتمكينهم من الولوج السلس إلى الخدمات الطبية والنقل وكل ما يحفظ كرامتهم، مراعاة لعامل السن وما قدموه من أعمال جليلة خلال مسارهم المهني، خصوصا أن الهشاشة الاقتصادية والاجتماعية التي يعيشها اليوم جزء كبير منهم بلغت أدنى المستويات، التي يصعب معها مواجهة تكاليف العيش الكريم في ظل التهاب الأسعار…