الشرق..صندوق الجهة لمواجهة كوفيد
رمضان مصباح الإدريسي
عدت إليها مؤخرا،حتى وأنا أعرف أنها غير التي تركتُ ،وغير التي ندَ بَتْ:وانَجْدتاه .
تركت الوضع في انهيار ،وها هو يصبح زلزالا صحيا ؛وهما أمران أحلاهما مر.
تتصدر وجدة جهة، أخطر ما استقر فيها اليوم ،بعد الوباء،العصيان الصحي ؛عصيان أغلق دونه كل الأبواب: لا يقرأ ،لا يشاهد،لايسمع ولا يخاف.
أضفنا صلاة سادسة ليومنا ؛تؤذن فيها وزارة الصحة بأرقام اليوم ،ونشرع وراءها في العد والتسبيح والدعاء.
انهارت نفوسنا ،جفت حناجرنا ؛وأهل الكهف في كهفهم ،حتى وكل أشعة الشمس موجهة صوب عيونهم وعقولهم.
لا شيء يزَّاور عنهم ؛ورغم ذلك فهم صُم بُكم عُمي ..
ما العمل هل نسلم وجدة الألفية لعصاتها الصحيين؟
هل نواجه العصيان الصحي بالعنف المدني ،بعد أن جربت الدولة الصرامة المخزنية ،دون فائدة.
هل نشكل طلائع شبابية واعية لتبليغ فظائع كوفيد للعصاة ولو عنفا؟
هل نُزَوِّرهم المقابرَ ليقفوا على التكاثر، وكون القتل الكوروني استعر فعلا؟
على أي لقد صدق من قال :أستطيع مواجهة كم عالم ،ولا يهزمني غير جاهل واحد.
من مات فيه الضمير ،كيف تنتظر منها أن يدافع عن الحياة البدنية؟
وحينما تنطفئ الجذوة فلا حاجة لنا بالرماد.
ورغم كل هذا لا يجب أن يستسلم الحِس المدني الراقي لزُمرة العصيان الصحي .
حتى معماريا هُدمت وجدة ،مرارا وتكرارا،عبر تاريخها الألفي ؛لكنها في كل مرة تنهض كالفنيق من رمادها.
وعليه فليس بعد هذه السقطة ،وهي صحية ومدنية ، إلا النهوض.
ولا نهوض إلا باستنهاض همم الأخيار الصناديد،الذين يسبحون للوطن أيضا .
وإذ أعضِّد كل النداءات الموجهة من طرف النخب الشرقية ،من مثقفين وبرلمانيين ،في مطالبتها بهبة صحية صوب الجهة ؛لتعزيز البنيات الصحية المشرفة على الانهيار التام،أقترح الاقتداء بالتدبير الملكي الحكيم الذي أحدث صندوق كورونا الوطني ،الذي خفف فعلا من الضوائق الصحية والاقتصادية ؛بل ونجح فعلا في الحد من الوباء ،لولا بعض الأخطاء المرتكبة ،التي أشعلت العداد من جديد وسرَّعته.
أقترح إحداث صندوق كورونا الجهوي ،لدعم القطاع الصحي بالأساس ؛خصوصا ما يتعلق بالتحليلات ،وأسرة الإنعاش ،والأدوية.
أتوسم خيرا في وطنية الثروات الكبرى بالجهة ؛فهذا قضاء نزل ،كما يقول الفقهاء؛وإذا هلك الإنسان فلا خير في كل ما يبقى خلفه.
وسيكون التبرع مفتوحا ،جهويا ووطنيا ،للجميع ؛ولو بالدراهم المعدودة .
ولعلنا بهذا الصندوق،وهو تربوي أيضا ، نقول لجبهة العصيان الصحي،جبهة تكميم الأعناق وليس الأفواه والأنوف:
أما أنتم فإنكم الطلقاء ،ولا نطالبكم بشيء ؛وأنتم صُم بُكم عُمي.
لكن نقول لكم : إن لم تستحيوا فافعلوا ما شئتم.
ولن نترك وجدة ،والجهة الشرقية كلها، بين أياديكم ..
فيا أهل وجدة ،أهل الثغر والنجدة.. النجدة النجدة؛ فيس لكم والله إلا الصدق والصبر.