الافتحاص الاداري للمؤسسات التعليمية بين الموضوعية و الانطباعية في اتخاذ القرار المناسب
عبد الكريم السباعي
الافتحاص الاداري للمؤسسات التعليمية هو عملية عادة ما يتكلف بانجازها أطراف خارجة عن المؤسسة المعنية.وفي غالب الأحيان تكلف مصالح الوزارة أو الأكاديمية أو المديرية الاقليمية للتربية الوطنية مفتشين أو أكثر للقيام بهذه العملية.والهدف من الافتحاص هو الوقوف على التجاوزات والاختلالات التي تشوب تديير بعض المؤسسات بعد توصلها بشكايات من موظفين أو جمعيات الاباء أو علمها بوجود خلل في المؤشرات الاستراتيجية للمؤسسة.
لكن الغريب في الأمر أن جهاز المراقبة التربوية بوزارة التربية الوطنية لا يتوفر على مفتشين اداريين.فتجد المفتشين المكلفين بالافتحاص و التقويم ينتمون الى احدى الهيات التالية: مفتش تربوي,مفتش المصالح المادية والمالية ,مفتش في التوجيه أو مفتش في التخطيط..في غياب تام لمفتش اداري.ليبقى السؤال مطروحا:لماذا لم تقم الوزارة باحداث اطار مفتش اداري على غرار باقي الأطرالمذكورة؟ وهل أطر المراقبة التربوية والاقتصاد و التخطيط والتوجيه قادرة على انجاح عمليات الافتحاص الاداري رغم غياب التخصص في زمن المهننة و النجاعة خصوصا بعد احداث مسلك تكوين أطر الادارة التربوية بالمراكز الجهوية لمهن التربية و التكوين؟
في حديث مستفيض مع أحد الزملاء وهو مفتش تربوي أكد لي أنه تلقى خلال فترة التكوين بالرباط بعض المفاهيم حول التقويم المؤسساتي و الافتحاص الاداري.وحضر عدة مرات في لجن لفض النزاعات داخل بعض المؤسسات .لكن وان تشابهت مراحل التدخل للتقويم:مرحلة التشخيص ثم مرحلة تحديد الأولويات (نقط الضعف/نقط القوة) ثم مرحلة التحليل وأخيرا مرحلة التدخل والمعالجة,تبقى مشاكل الادارة التربوية ذات طابع خاص تحكمها قوانين خاصة لا علاقة لها بالتوجيه والاقتصاد والتخطيط والتدريس.وهدا ليس تبخيس لمجهودات السادة المفتشين للرفع من مؤشرات تحقق الجودة و النجاعة وتثبيت الحكامة في التدبيربقدر ما هو دعوة للتأمل في مدى موضوعية وواقعية القرار المتخذ لمعالجة خلل ما.لأن بعض القرارات الغير مناسبة في الوقت الغير مناسب لا تساهم في معالجة الوضعية لكن تزيد في الطين بلة وتعمق الجرح الغائر أصلا مما يسبب التشنج و الاحتقان.
ان مشاكل الادارة التربوية,حسب تمثلاتي, لا يستسيغها الا من اشتغل في الميدان وخضع لتكوين خاص بالتدبير الاداري وشرب من عيون شيوخ الادارة التربوية المتمرسون ومزج بين القانون والعلاقات الانسانية وفق مقاربة تعتمد الشفافية و الديموقراطية و التوافق الايجابي بعيدا عن الانتهازية و الشخصنة.فالموظف الاداري جزء من الكل,اما ينصهر في الفريق واما ينتقل. لأن طرق المناورة التقليدية وعقلية المامرة المتمثلة في التكتل للضغط أصبحت متجاوزة في عالم القيادة التربوية و العمل بالمشروع و المقاربة المبنية على النتائج.
كخلاصة لما سبق,لا يمكن لمفتش-غير اداري-أن ينجح في حل مشاكل الادارة التربوية لأنها معقدة ومتداخلة وتحتاج الى وقت طويل للتشخيص خصوصا عندما لا تنجح المقابلة في فك لغز الخلل ويستطيع الطرف المستهدف التأثير على أعضاء اللجنة بلعب دور الضحية المظلوم.
في هده الحالة وبناء على تحليل معطيات مغلوطة يتم تحديد الاجراءات الكفيلة بمعالجة الوضعية بطريقة خاطئة ويتم اتخاذ قرار غير صاءب يؤثر سلبا على سير المؤسسة التعليمية و يساهم في تراجع مردودية موظفيها.