حراسة امتحانات الباكالوريا : منحة لهؤلاء ومحنة لأولائك.
اقباش محمد
يعيش بلدنا في هذه الأسابيع على إيقاع استحقاقات مصيرية بالنسبة للأجيال الناشئة وفي مقدمتها ذلك الي يهم الأسر المغربية قاطبة وهو امتحان الباكالوريا . هو استحقاق وطني فعلا لكن برهانات متباينة ، بين ما هو مؤسسي تتنافس فيه الدولة في التطمين وجرد الضمانات ، وبين ما هو أسري أهلي وآيته فعل المستحيل من أجل أن يمر هذا الاستحقاق بردا وسلاما على فلذات أكبادهم ، مع الحرص طبعا على تجنب الخسارة مهما كان الثمن. وبين هذا وذاك هنالك رهينة يطلب الكل ودها في هاته الظروف، لكن دونما تحفيز مادي ناهيك عن المعنوي، وهي هيئة التدريس في الإبتدائي والإعدادي، تلك التي تستدعى أفواجا وزرافات للمشاركة في عمليات الإجراء للإمتحان المذكور،كمراقبين أو أحتياطيين. هنا نطرح سؤالين: الأول حول عدد الإحتياطيين الغير مسبوق والذين تم تكليفهم والحث على التزامهم بالحضور والبقاء الإجباري في مركز الإمتحان مهما كان العذر،ذلك ما أكده ذلك الاجتماع التنسيقي الممهد للإجراء يوم 28ماي 2021 بإحدى ثانويات القنيطرة. هل يتعلق الأمر بإحساس الجهات المنظمة بيقظة كبرياء المتضررين واستشعارهم الحيف والإهمال المستدام الذي طالهم عند حرمانهم من حقوقهم في التعويض؟ أو باستحضار مبدأ الندية في المشاركة في استحقاق وطني يفترض فيه المساواة بين جميع المتدخلين؟ أم فقط أملت هذا الخيار ظروف اتساع العرض لضمان رشاقة في تدبير العملية ؟
السؤال الثاني هو،كيف للوزارة أن تكلف العاملين بالسلك الإبتدائي بحراسة امتحان الباكالوريا أي خارج سلكهم الأصلي ولا تقبل العملية المعكوسة أي أن يكلف العاملون بالسلك الثانوي بحراسة امتحان الشهادة الإبتدائية مثلا، وكيف يسوغ لها دمج المهام على أساس التساوي في الواجبات ولا ينطق أحد ببنت شفة عن الحقوق الثابتة بالنسبة لمن هم لا زالوا محرومون منها بشكل عنيد ، أين هو خارج السلم لهؤلاء المكلفين بالحراسة وبدون مقابل ؟ وعلى صعيد آخر، ألا يحق لنا أن نعلن نهاية للسنة الدراسية قبل الأوان؟ فالعطلة قد بدأت بالنسبة للجميع ،فلا يعقل مثلا أن يحرس أستاذ القسم السادس امتحان الباكالوريا وبعده شهادة نهاية الدروس الإعدادية وتلاميذه مقبلون على امتحان إشهادي مماثل. أستدعاؤهم يعني ضمنيا إنهاء الدعم الذي أرسلت الوزارة مذكرة في شأنه وحثت على أهمية الإلتزام به. إذن هؤلاء لن يستفيدوا من الدعم في سنة دراسية استثنائية عملت المؤسسات فيها بنصف أدائها ونصف طاقتها الإستيعابية . من كل هذا، ألا نكرس مرة أخرى تلك التمثلات المغرقة في العامية والتسطيح حينما تسند القيمة للسلك التعليمي استنادا إلى رتبته العليا وتنسى أسس البنيان؟
إن حراسة امتحان الباكالوريا ليس بالعمل البسيط ولا يدخل في إطار العمل النظامي المنتظم ، بل هي مسؤولية ظرفية تترتب عنها تبعات أخلاقية وقانونية وتتطلب ضمانات ، وبالطبع فهي تستدعي تعويضات متناسبة مع الأعباء المذكورة ، وهنا تحضرنا حالة الألاف من الأساتذة الذين يعرضون أنفسهم لمخاطر الإعتداء البدني من طرف بعض التلاميذ المحرومين من الغش. ثم أنه إذا كان الأمر بهذه الدرجة من الأهمية فلماذا لا يتم تعميم التعويضات على الجميع وبنفس القيمة ؟ وإذا عجزت الميزانية عن هذه المزية فلماذا لا يتم حذف هذا التعويض واحتساب هذا التكليف واجبا وطنيا يؤديه المعنيون به بكل أريحية ، إذاك سيحس الجسم التربوي بتضامن حقيقي ، عوض الإصرار على تبرير الحظوة بالنسبة للبعض ( تعويضات امتيازات..) وتكريس الإهمال بالنسبة للبعض الأخر.
كالعادة ، سيأتي موعد الإمتحانات الإشهادية ولا شيء تغير في الأفق . تعويضات جزلة لمئات المسؤولين بالوزارة مركزيا ، جهويا ومحليا ، تتضاءل قيمتها نزولا حتى تستقر بعض الدريهمات في يد المصحح المرتعشة خوفا من سياط الإقتطاع في حالة إخلاله بواجب الإنضباط والحضور لأداء مهمة لم يبق فيها غير الإسم بسبب استفحال الغش وتنوع آلياته وتقنياته العصية عن الضبط. أما المراقب فليحمد الله إن خرج سالما من بين أيدي مرشحين أغلبهم مصرون على فعل المستحيل لنيل غرضهم أو جانحون ألفوا الإستخفاف بذوي القدوة من مربيهم وأساتذتهم.